من السياسات السابقة، يتضح بوضوح أن باكستان لا ترغب في وجود أفغانستان مستقرة، هادئة ومتقدمة بجوارها، أفغانستان التي تمتلك حكومة وجيشًا قويًا يستطيع حماية الحدود التاريخية لأفغانستان والرد بسرعة في حال تعرضت البلاد أو سيادتها لأي

#image_title

*عودة الإمارة الإسلامية وآمال باكستان!*
_بقلم: عمر أفغان_

بعد عام 2021، عندما غادرت جميع القوات المحتلة أفغانستان، أعربت باكستان عن سعادتها بعودة الإمارة الإسلامية الأفغانية إلى الحكم، وظهرت للعالم على أنها تعتبر قادة الإمارة الإسلامية أشخاصًا قريبين منها، يقبلون أي طلب يُقدم لهم دون تردد.

حتى أنها تحدثت نيابة عن أفغانستان في المؤتمرات الدولية ولم تحترم مبدأ حسن الجوار في الشؤون الداخلية لأفغانستان.

لم تكتف باكستان بهذه التصرفات، فعندما تم إعلان الحكومة المؤقتة في أفغانستان وطرحت القضايا الوطنية للبلاد، أدركت باكستان أن أفغانستان تخطو خطوات كبيرة نحو تشكيل حكومة وطنية قوية ومركزية إسلامية، لذا اختارت سياسة تحافظ بها على علاقاتها مع قادة الإمارة الإسلامية.

في وقت قصير، أعلنت الإمارة الإسلامية الأفغانية خطوط سياستها الخارجية الأساسية مع جميع الدول، وخاصة الدول المجاورة، حيث تضمنت هذه السياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية، سياسة اقتصادية متوازنة، وحسن الجوار كعناوين بارزة.

بناءً على هذه السياسة، اقترحت الحكومة الأفغانية، بنية حسنة، على باكستان أن تجري مفاوضات مع جماعات مسلحة، أبرزها حركة طالبان الباكستانية (TTP)، بوساطة أفغانية في كابول، بهدف تحقيق الاستقرار السياسي في باكستان، البلد المجاور الذي يشترك مع أفغانستان في العديد من الأمور.

لكن بناءً على إشارات الغرب، قامت الدوائر العسكرية والاستخباراتية في باكستان بالإطاحة بالحكومة المدنية وعطلت الجهود التي بذلتها حكومة عمران خان لدمج وترويض الجماعات المسلحة المعارضة.

استفادت هذه الدوائر العسكرية والاستخباراتية من الفرصة وبدأت حملة دعائية ضد الإمارة الإسلامية على الساحات الوطنية والدولية، متهمة إياها بإيواء الإرهابيين على الأراضي الأفغانية في انتهاك واضح لاتفاقية الدوحة، التي تنص على أن الإمارة لن توفر مأوى لأي جماعات مسلحة.

أعلنت الإمارة الإسلامية استعدادها لتحمل هذه الاتهامات المريرة من أجل الالتزام بمبادئ الجوار، لكنها أكدت أن أراضي أفغانستان لن تكون مصدر تهديد لأحد، بما في ذلك باكستان، وأنها لن تسمح للجماعات المدمرة باستخدام أراضيها ضد الجيران.

عندما لاحظت باكستان الصبر الاستراتيجي للإمارة الإسلامية، كثفت دعايتها ونظمت حملة إعلامية شاملة تتضمن تحليلات ومقالات ومقابلات وفيديوهات وقصص ضد الإمارة الإسلامية.

بدأت الدوائر العسكرية والاستخباراتية السابقة في باكستان حملة اتهامات على الساحات الدولية، محاولين إقناع العالم بأن الوضع في أفغانستان متأزم وخطير. مثل تأليف كتب على أيدي كتاب الاستخبارات عباس، و أسد دراني.

من السياسات السابقة، يتضح بوضوح أن باكستان لا ترغب في وجود أفغانستان مستقرة، هادئة ومتقدمة بجوارها، أفغانستان التي تمتلك حكومة وجيشًا قويًا يستطيع حماية الحدود التاريخية لأفغانستان والرد بسرعة في حال تعرضت البلاد أو سيادتها لأي تهديد.

إذا نظرنا إلى سياسة باكستان تجاه أفغانستان تاريخيًا، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

– مشكلة خط دوراند بين أفغانستان وباكستان: تعترف باكستان بخط دوراند كحد دولي، ولذا تخشى دائماً من تشكيل حكومة قوية في أفغانستان قد تثير هذا النقاش.

– باكستان تعتبر أفغانستان عمقًا استراتيجيًا لها: في العقود الأربعة الماضية، أصبح واضحًا أن أفغانستان هي مركز المنافسة بين باكستان والهند.

– أفغانستان يجب أن تكون مستهلكة لبضائع باكستان: سياسة باكستان هي تدمير مشاريع أفغانستان الأساسية لمنعها من الوقوف على قدميها.

– اللعب على الساحة الدولية بأفغانستان: استغلت باكستان أفغانستان لتحقيق مكاسبها مع اللاعبين الدوليين.

– باكستان ترى نفسها قادرة على إدارة الأزمات ولعب الأدوار المتناقضة: باكستان تلعب أدوارًا متناقضة مع الغرب والشرق لتحقيق مصالحها، لكنها تجد في أفغانستان ضحية سهلة لهذه السياسة.

مع عودة الإمارة الإسلامية، بدأت مرحلة جديدة في النظام العالمي متعدد الأقطاب. وتعد هذه فرصة كبيرة للإمارة الإسلامية لبناء علاقات مع جميع دول الشرق والغرب بناءً على المصالح الوطنية الأفغانية، لحماية أفغانستان من سياسات الدول المدمرة ومنحها فرصة لتحقيق مشاريعها الأساسية والتفاعل مع العالم كدولة متعاونة ومستقلة.

طلحه قندوزي
Exit mobile version