الجزء الثاني
بقلم: أبو هاجر الكردي:
بلغت قوة المجاهدين ذروتها حين لم يكن الحديث والنقاش عن وجود الفصائل ولم تحدث الاختلافات بينها التي أدت إلى التباين والتحزيب أولا ثم إلى تفتت الأمة الإسلامية وانهيارها وتحولها من مرجع وقدوة للأمم الأخرى إلى أمّة مفتتة لا ينظر إليها أحد.
حينها كان المجاهدون يتغنون بشعارات: النصر والتمكين والغلبة على العدو المحتل في مقدمة كل الميادين وساحات المعارك، كما هز تقدمهم وشوكتهم قصر فرعون العصر بشار الأسد في سوريا الحبيبة وحكومة نوري المالكي في العراق.
فظلت رأية الإسلام تعلو سماء سوريا الحبيبة وعراق المحتلة تعانقها باستدارج ما دفع العديد من الشباب من دول أوروبية للانضمام في صفوف المجاهدين يحملون هموم وغموم خلاص هذه الأمة المضطهدة في سوريا من ظلم فرعون الوقت بشار الأسد وفي عراق من المحتل الأمريكي.
لكن تدفق هذا العدد الهائل من الشباب المتحمسين لنصرة إخوانهم المستضعفين أشعر مخابرات عالم الكفر بالذل والرعب، فظلت تعتبرهم تهديدا لأنفسهم وحكوماتهم لذلك انخرطت في بحث الطرق تمكنهم من القضاء عليهم.
مبدئيا مهّد الطريق والسبيل لجذب كل من يحمل هم الجهاد ونصرة المستضعفين من الشباب إلى ساحات القتال، بأن كلفت مرتزقتهم في العراق بالتخلي عن المدن والمحافظات من غير المقاومة والتصدي، فتخلت الحكومة عن مدينة موصل والعديد من المناطق الاستراتيجية لداعش من غير مقاومة، ما تسبب في جذب الشباب وانضمامهم إلى صفوف هذه الجماعة الخائنة والمتمردة.
مع قدوم الشباب المسلمين من أوروبا وغيرها من البلدان ودخولهم الأراضي التي خضعت لسيطرة تنظيم داعش، قام التنظيم بتوسيع أراضيها بتوجيه أسلحتها القاتلة الغادرة نحو صدور المجاهدين من الرعيل الأول، والطعن في خاصرتهم في سوريا الحبيبة، فبإراقة دماء زملائهم الطاهرة وإزهاق أرواحهم من غير وازع من الخوف استطاعوا السيطرة على عدة مدن ومراكز المحافظات مثل الرقة، وشمال حلب وطرابلس ومنبج.
كيف كانت سيطرة داعش؟
الأماكن التي هاجمتها تنظيم داعش من أجل بسط أراضيها لم تكن مدنا تخضع لسيطرة حكومة بشار الأسد بل كانت قد حررها المجاهدون بدمائهم، ولكن استولى عليها أتباع ابن ملجم من غير دفع ثمن التطهير.
في ذلك الوقت كان المجاهدون يقاتلون حكومة بشار الأسد النصيرية لكن داعش فتح جبهة جديدة ضدهم.
وأنا كمسلم تألمتُ كثيرا لحال شباب هذه الأمة المكلومة الذين أرادوا نصرتها وعزها، فكانوا سببا في ذلها وتكالب الأعداء عليها، ووجهوا أسلحتهم ضدها باسم الجهاد !! وجعلوا الجهاد – وهو الذي يُقام به الدين وتصان به الحرمات – تدنس مكانته وتشوه صورته، فأصبح الجهاد عندهم أن تقتل نفسك وتقتل أمتك، وتدمر ما حولك !! وتقتل بلا تمييز، وتذبح بلا رحمة، وتفجر المساجد أثناء الصلاة، فصارت شريعة الله التي هي سبب لحياة الناس وسعادتهم اتخذت ذريعة لظلمهم وقهرهم وسفك دمائهم !!